قسيسة من خلف الضباب 12

بقلم ـ عفاف البعداني

-جهاد متعجبا : حسين… مالذي قلته قبل قليل هل ستترك الجامعة وتذهب للجبهة .

– نعم ياصديقي لم يعد شيء يستحق أن أعيش من أجله سوى أن أعيد لهذه الأرض مجدها وآمانها المسلوب، اليوم رحلت أُسرتي بفعل العدوان الغاشم ولكني لن أسمح بأن ترحل أرواحاً آخرى بل سوف أنكل بهم أيما تنكيل وهيهات منا الذلة.

– تعال إلى منزلنا وبعدها سنفكر ونقرر معا.

-اعذرني ياأخي جهاد… .الآن أنا متوجه لأقرب مركز تدريبي، ولن أستطيع أن أكمل مشوار تعليمي معك أتمنى لك حظًا سعيدًا في الحياة عسى الأيام تحسن إليك ولا تتذوق مر ما لاقيت، عساها تعفيك من نوائبها الغابرة، وسأكون سعيدًا إن كتب الله لنا اللقاء مرة آخر ى على مرافئ الحياة المتضاربة.

-أخي لا أتحمل بتاتا فكرة رحيلك عني أنت السند والأخ وكل شيء، كيف سأكمل الدراسةبدونك؟ كيف سأقطع الطرق الطويلة دون أن آراك معي؟

-لقد عزمت القرار الوداع ياجهاد.

-مشى حسين بضع خطوات، وظل جهاد واقفاً يتهيأ لقرار يولد من جيبه اللحظي المخبأ في حنايا النفس الباردة، انطلق صوت حازم وكأنه ولد للتو.

-أخييييي حسين انتظر…. انتظر…. انتظر…. سوف ٱتي معك.
-بالكاد سمعه حسين.

-يقول جهاد منهكًا:… أي أرجل تمتلك لقد انقطع نفسي وأنا أتبعك.
– تعجب حسين وقال: ارجع إلى أمك وأختك .

-أتريد أن ترقى لوحدك وتفز بالشهادة لاياصديق العمر كبرنا معا، ودرسنا معا وسوف نطلب الشهادة معا إما حياة كريمة وإما موت شريف هيا لننطلق.

– تذكر أمك وأختك زهرة، تذكر أحلامك وطموحك ولاتنس أنك منافس قوي في قاعة الجامعة.

– لا عليك من هذا ،هل انتظرحتى ياتي قصف آخر ويأخذ أمي وزهرة، فالأشرار لايرحمون ونحن لن نخاف ولن نهزم سوف أترك رسالة لأمي وأمضي على إثر أبي جواد.

ابتسما ابتسامة جهادية وردد: جهاد… مزوملاً بصوته الجميل….
ياذيب أنا قررت أودع دياري،
وأسري مع الله وانطلق في سبيله

إلى متى ياذيب يبقى انتظاري
وأظل ساكت للملوك الهزيلة

اتحالفوا بقتل ربعي جاري
واتفاخروا في دم شعبي وسيلة

جندي مع ربي والشهادة خياري
والنصر من رب الهدى والفضيلة

كلمات// نشوان الغولي…..

مشو بعزيمة لوتقاسمتها الشعوب لتم تحرير فلسطين، توجهوا نحو أقرب مركز للإتحاق بالجبهة.

-زهرة تقول: أما أنا لا أعلم تقارير القدر، ومالذي ينتظرني في الأيام الآتية، لقدأخذت الإذن لأذهب إلى مكاني البعيد الذي اشتقت إليه كثيرًا أخذت عدتي من الماءوالطعام ودفتري الفيروزي والراديو والسماعة وهاتفي المحمول وبعضًا من الطعام.

-أمي إلى اللقاء.
-اهتميِ بنفسك وخذي نوال معك وحذاري أن تتأخري .

-حسنا ياقرة عيني لاتخافي أنا ابنت -السيد- جواد تذكري هذا و لاتخافي عليّ…. لا أعلم شعرت أنني أودع أمي وإلى الأبد، شعرت بقشعريرة تنبي عن قادم مخيف، والغريب أني غير آبهة لماقد يحصل لي بل مسلمة نفسي للحظات القادمة.

مضيت وابتعدت عن بيتنا مررت بالشارع ورأيت مجموعة من الحراس يقومون بتأمين الطرق.

شعرت بالعزة، وتوجهت لبيت نوال كي؛ أذهب معها ولكن اعتذرت ولم تستطع المجيء فأمها مريضة ، لم أعرف ماأفعل هل أذهب نحو الجبل وحدي؟! أم أرجع لبيتنا،حزمت قراري للذهاب نحو الجبل لا أعلم أي قدر سوف يلاقيني هناك.

-أمي تجلس مع عمتي سارة.

تقول سارة: أتعرفين ياسديم لقد كان أخي صائباً حينما أختارك أُما لابنيه إني أفتخر بهم كثيرًا، فجهاد ولدٌ خلوق وذكيء ويضرب به المثل في الجامعة والشارع.

أما زهرة،فتاة سلطانة على مدينة الضباب بطيبتها وعملها الدؤوب، شخصيةنجيبة كريمة النفس، مكابرة لاتعرف اليأس، مزيجا بين الثورة والعاطفة، تشبه أباها كثيرا، عندما أرى عينيها أتذكر أخي جواد عندما كان صغيرا، أغبطك عليهم كثيرًا وأتمنى أن يحفظهم الله لك.

-شكرا للطفك عزيزتي سارة، ولكن لاأخفي عليك تربية الأبناء مشقة كبيرة تركها لي جواد وكم تمنيت أن نتقاسمها معا ولكن الحمدلله، على قدر سعادتي بهم ،يهيم خوفي عليهم، من الظروف والصروف وكل شيء ولا أعرف لما الآن قلبي يخفق بشدة.

-هدأي من روعك ماهي إلاساعات وسيعودوا إلى كنفك ياسديم.

-آمل ذلك.

أتعرفون أيها القارئين ،يقال أن قلب الأم هوأقرب حبل موصول بصروف القدر، ولعل هناك أشياء كثيرة تنتظر ابنيها فحدس الأم نادراً مايخطئ .

-تقول زهرة: مضيت متجه نحو الجبل لوحدي ،وصلت بعد ساعة من المشي وقدبدى الإرهاق والتعب واضحا عليّ لربما الصداع يريد أن يهطل وأنا لست متأهبة لمجيئه اقتربت من مكاني، ونسيت ألمي وكل شيء، رأيت الشلال ينزل ويردد التحية، شعرت أن الزهور تتنفس بحب وكأنها تخبرني أنها اشتاقت لمجيئي ،أما طائر الوقواق بدى غاضبًا وكأنه يعاتبني لغيابي عنهم طيلة الأيام الخوالي.

ارتحت وكأني انتقلت لعالم آخر مليء بأشياء تشبهني وتتشابه معي في جودة التعبير، ولكن كنت أدور… .بنظري هنا وهناك وكأنني أنتظر مجيء شخص ما ،لم أرَ أحد سواي وبغضون ثواني جاء من كنت انتظره إنها القسيسة أطلت من كهفها مبتسمة وفجأة بدأ السجال بيننا يشتد عوده في قلب الطبيعة.

#اتحاد_كاتبات_اليمن.

الوسوم

مقالات ذات صلة

إغلاق