الإمام علي .. تاريخ يتجدد

مرام صالح مرشد

إن إحياء ذكرى استشهاد الإمام علي يعد إحياء لذكرى نكبة عالمية لها أهمية كبيرة ولا يشعر بها إلا المؤمنون، الذين جسدوا حب الإمام علي (عليه السلام) في قلوبهم وفي واقعهم، فأمير المؤمنين (عليه السلام) يمثل أعظم وأشجع رجل عرفه التاريخ بعد رسول الله وهو من جسد سيرة النبي (صلوات الله عليه وعلى آله) قولاً وعملاً، كيف لا نُحيي هذه الذكرى الأليمة ولا نحزن وقد قال رسول الله في قاتل الإمام علي أنه: (جلب الشقاء للأمة من ذلك الزمان إلى اليوم).

ونحن أولياء الإمام علي يجب علينا أن نحذو حذوه، ونسير على خطاه فهو القرآن الناطق وقد قال عنه النبي صلوات الله عليه وعلى آله: (علي مع القرآن والقرآن مع علي) و (علي مع الحق والحق مع علي يدور معه حيثما دار)، ولِما للإمام علي من مكانة عظيمة فقد عمل الطغاة على ملاحقته وقتله، لأنهم يعلمون أنه رجلٌ عظيم يهدي أمة، له طريق وله منهج حق، فهو يمثل الامتداد للإسلام المحمدي الأصيل، بقرآنه، ونهجه، فمن الواجب علينا أن نُحيي ذكرى فقد هذا المغوار العظيم.

الإمام علي (عليه السلام) هو النموذج الراقي المتكامل الحقيقي للمؤمنين، يُقتدى به ويتأسى به، من كان له منزلة فريدة عند رسول الله، فلا يمكن النهوض للأمة في هذه الحياة دون أن تسير وفق ما سار عليه آل البيت عليهم السلام، ويجعلون منهم قدوة يقتدون بهم، فلو لم نسر على ماسار عليه آل البيت لكنّا اليوم في حالة تيه وتخبط وعمى، كما هو حال من جعل معاوية ويزيد قدوة له.

الدين الإسلامي له ركائز أساسية، وله ثوابت حقيقية إن سرنا عليها نجونا، وإن تخلفنا طغينا وهوينا، فالحياة الحقيقية هي القرب من الله، ولن نستطيع أن نتقرب من الله دون أن نجعل من رسول الله وآل بيته قدوة لنا، و إن الإمام علي أكثر من ارتبط برسول الله وعايشه، فما نراه في واقع الإمام علي هو من تربية رسول الله له، فلم تذهب جهود رسول الله هدراً وسُدى، فقد تجسد في الإمام علي (عليه السلام)، حب الله ورسوله، وعظمة الإسلام، وعظمة القرآن، وقد عرف المعنى الحقيقي للشهادة، والاستشهاد في سبيل الله، وبذلك قد أرسى دعائم الدولة الإسلامية على دعائم الحق والعدل.

إن هذه الحادثة من أهم ما حدث في التاريخ، ومن أكبر المآسي التي فرضت علينا أن نسجل هذا الحزن في صفحات التاريخ، فما يحدث اليوم شبيه بالأمس، فطغاة الأمس امتد طغيانهم ومازال طغيانهم يتكرر ويعيد حادثة الأمس في أبناء شعبنا اليمني، نعم طغاة الأمس هم نفسهم طغاة اليوم يمتد طغيانهم من عصر لآخر، ولكن الإسلام ومن حملوا رايته سيستأصلون تلك الشجرة الخبيثة، إنهم رجالٌ عظماء تركوا كل مرغوب، وبذلوا كل غالٍ ونفيس ليذهبوا لمحاربة الطغاة، ومقارعة الظلم، فلم يخشوا الموت، فهم يرفعون شعار إما حياة بكرامة وإما شهادة كشهادة الإمام علي في أقدس الأماكن.

استهداف الإمام علي (عليه السلام) هو استهداف للأمة بأكملها، استهداف لمشروع بأكمله ، وهو المشروع الذي نحن اليوم بفضل سيرنا عليه في عزة وكرامة، استهداف لطريق وُفِّق ثُلةً من الناس لأن يسيروا عليه، نعم كان الإمام علي نموذجاً مثالياً للرجل الحقيقي الذي صنعه الدين، ونَبَع من هَديٍ تشربه، وعمل جاهداً على تطبيقه ونشره، فما أسوأ رحيل القادة!!

فمن أعظم نكبات الأمة أن تفقد عظماءها.

مقالات ذات صلة

إغلاق